فصل: كتاب الحج والمناسك:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: اختلاف الأئمة العلماء



.باب الاعتكاف:

اتفقوا على أن الاعتكاف مشروع وأنه قربة.
قال اللَّهِ تعالى: {وَعَهِدْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ أَنْ طَهِّرَا بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْعَاكِفِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ}.
وقد روينا في هذا الكتاب فعل النبي صلى الله عليه وسلم له في شهر رمضان.
قال المؤلف: وهذا الاعتكاف المشروع لا يحل أن يسمى خلوة. وهو عند اللغويين الإقامة.
قال الشاعر:
فبات نبات الليل حولي عواكفا ** عكوف بواك بينهن صريع

وهو في الشرع عبارة عن اللبث بنية الاعتكاف.
واتفقوا على أنه لا يصح إلا بالنية.
واتفقوا على صحته مع الصوم.
ثم اختلفوا هل يصح بغير صوم؟
فقال أبو حنيفة ومالك وأحمد في إحدى روايتيه: لا يصح بغير صوم. فجعلوا الصوم من شرطه.
وقال الشافعي وأحمد في الرواية المشهورة: يصح بلا صوم.
وأجمعوا على أنه إذا كان نذر ألزم الوفاء به.
وأجمعوا على أنه يصح الاعتكاف في كل مسجد.
إلا أحمد فإنه قال: لا يصح إلا في مسجد تقام فيه الجماعات.
وأجمعوا على أنه لا يصح اعتكاف المرأة في بيتها.
إلا أبا حنيفة فإنه قال: يجوز لها الاعتكاف في مسجد بيتها.
وأجمعوا على أنه يجب على المعتكف الخروج إلى الجمعة.
وأجمعوا على أنه إذا وجب عليه بالنذر اعتكاف أيام يتخللها يوم الجمعة أن المستحب له أن يعتكف في المسجد الذي تقام فيه الجمعة لئلا يخرج من معتكفة لها.
ثم اختلفوا فيه إن لم يعتكف لهذا النذر في الجامع بل في مسجد تقام فيه الجماعات ثم خرج منه يوم الجمعة لصلاته هل يبطل اعتكافه بذلك؟
فقال أبو حنيفة وأحمد: لا يبطل اعتكافه بذلك.
وقال مالك: يبطل اعتكافه على الإطلاق.
وقال الشافعي في عامة كتبه: يبطل اعتكافه بذلك لأنه كان يمكنه الاحتراز من ذلك بالاعتكاف في الجامع.
وقال الشافعي في البويطي خاصة: لا يبطل بالخروج إلى حاجة الإنسان.
واختلفوا فيما إذا نذر اعتكاف شهر ولم يشترط التتابع؟
فقال أبو حنيفة ومالك: يلزمه اعتكافه بلياليه متتابعة ولا يجوز تفريقها ويلزمه الاعتكاف من غروب الشمس.
وقال الشافعي: إن نذر الاعتكاف بالليل لم يلزمه بالنهار، وإن نذر بالنهار لم يلزمه الليل، وإن نذر اعتكاف يومين متتابعين لزمه اعتكافهما ولا يلزمه الليلة التي بينهما. وعن أصحابه فيها وجهان أصحهما: أنها تلزمه.
وأجمعوا على أنه من نوى اعتكاف يوم بعينه دون ليلته نفلا فإنه يصح اعتكافه.
إلا مالكا فإنه قال: لا يصح حتى يضيف الليلة إلى اليوم.
واختلفوا فيما إذا نذر اعتكاف يومين.
فقال أبو حنيفة: يلزمه اعتكاف يومين وليلتين، يدخل المسجد بعد غروب الشمس فيمكث ليلة ويومها وليلة أخرى ويومها.
وقال أحمد في أظهر روايتيه: يلزمه اعتكاف يومين وليلة يدخل المسجد قبل طلوع الفجر ويبقى فيه ذلك اليوم وليلته، واليوم الثاني ويخرج بعد غروب الشمس من اليوم الثاني.
ومذهب الشافعي فيها قد تقدم ذكره.
وأجمعوا على أن الوطء عامدا يبطل الاعتكاف المنذور والمسنون معا.
ثم اختلفوا في المعتكف يطأ ناسيا.
فقال أبو حنيفة ومالك وأحمد: يبطل الاعتكاف أيضا كالعمد في المنذور والمسنون معا.
وقال الشافعي: لا يبطل.
ثم اختلفوا في وجوب الكفارة فيه، فقالوا: لا تجب.
إلا أحمد فعنه روايتان أظهرهما: وجوب الكفارة وهي كفارة يمين.
وأجمعوا على أنه يجب القضاء والكفارة في الاعتكاف المنذور المعين إذا نوى به يمينا.
إلا مالكا والشافعي فإنهما قالا: تجب الكفارة فيه خاصة.
واختلف موجبوها في صفتها.
فقال أبو حنيفة: هي كفارة يمين.
وعن أحمد روايتان إحداهما كمذهب أبي حنيفة، والأخرى هي الكفارة العظمى.
واختلفوا في القبلة واللمس بشهوة.
فقال أبو حنيفة: قد أساء لأنه أتى ما يحرم عليه ولا يفسد اعتكافه.
وقال مالك: يفسد اعتكافه.
وعن الشافعي: كالمذهبين.
وأجمعوا على أنه يجوز للمعتكف الخروج إلى ما لابد منه كحاجة الإنسان والغسل من الجنابة والتغير ولخوف الفتنة ولقضاء العدة للمتوفي عنها زوجها ولأجل الحيض والنفاس.
وأجمعوا على أنه إذا نذر اعتكافه شهر ثم مات قبل أن يقضيه، فإنه لا يقضي عنه.
إلا أحمد فإنه قال: يجب أن يقضي عنه وليه.
واختلفوا فيما إذا أذن لزوجته في الاعتكاف فدخلت فيه، هل له منعها من إتمامه؟
فقال أبو حنيفة ومالك: ليس له منعها.
وقال الشافعي وأحمد: له منعها.
وأجمعوا على أنه يكره للمعتكف الصمت إلى الليل إلا أنه لا يتكلم إلا بالخير حتى قال الشافعي: لو نذر الصمت في اعتكافه تكلم ولا كفارة. حكاه ابن المنذر.
واختلفوا هل يجوز للمعتكف أن يشترط فعل ما في فعله قربة كعيادة المرضى واتباع الجنائز؟
فقال أبو حنيفة ومالك: لا يجوز اشتراط مثل هذا ولا يستباح بالشرط.
وقال أحمد والشافعي: يجوز ذلك، ويستباح بالشرط.
قال المؤلف: وهو الصحيح عندي.
وأجمعوا على أنه يستحب للمعتكف ذكر اللَّهِ وقراءة القرآن والصلاة.
ثم اختلفوا في قراءة القرآن أو الحديث أو الفقه.
فقال مالك وأحمد: لا يستحب له ذلك، وعن مالك رواية أخرى ذكرها الحلاب فقال: وقال مالك: لا بأس أن يكتب المعتكف في المسجد وأن يقرأ فيه القرآن ويقرئ غيره القرآن.
وقال أبو حنيفة والشافعي: يستحب له ذلك.
وروى المروزي عن أحمد في الرجل يقرأ في المسجد ويريد أن يعتكف فقال: يقرأ أحب إلي.
قال القاضي أبو يعلى بن الفراء: وهذا على أصله من أنه لا يستحب للمعتكف أن ينصب للإقراء ولا للدرس للعلم فينقطع للاعتكاف عن الإقراء، فكأن الإقراء أفضل من الاعتكاف، لأن منفعة ذلك تتعدى.
قال المؤلف: والذي عندي في ذلك أن مالكا وأحمد لم يريا استحباب أن لا يقرأ المعتكف غيره القرآن في حالة اعتكافه إلا من حيث أنه بإقرائه آية غيره ينصرف همه عن تدبر القرآن إلى حفظه على القارئ فيكون قد صرف فهمه عن تدبر أسراره لنفسه إلى حفظ ظاهر لفظه لغيره، وإلا فلا يظن بهما رضي اللَّهِ عنهما أنهما كانا يريان شيئا من عبادات المعتكف يعدل قراءة القرآن في تدبر له.
وهذا يشير إلى أن الاعتكاف حبس النفس وجمع للهمة على نفوذ البصيرة في تدبر القرآن ومعاني التسبيح والتحميد والتهليل وذكر اللَّهِ فيكون كل ما جمع الفكر يناسب هذه العبادات وكل ما بسط من الفكر ونشر من هم ينافيها.
وأجمعوا على أن العبد ليس له أن يعتكف إلا بإذن سيده.
وأجمعوا على أنه ليس للمعتكف أن يتجر ويكتسب بالصنعة على الإطلاق.
ثم اختلفوا في جواز البيع.
فقال أبو حنيفة: له أن يبيع ويبتاع وهو في المسجد من غير أن يحضر السلع.
وقال الشافعي: له أن يأمر بالأمر الخفيف في ماله ويبيع ويشتري من غير إكثار.
وقال مالك: له أن يفعل ذلك إذا كان الاعتكاف تطوعا وكان يسيرا.
وعنه رواية أخرى بالمنع من ذلك على الإطلاق.
رواها عنه الحلاب فقال: وقال مالك: ولا يبيع المعتكف ولا يشتري ولا يشتغل بحاجة ولا تجارة.
وقال أحمد: لا يجوز له البيع والشراء على الإطلاق ولا فرق في ذلك عنده بين قليلة وكثيره، ولا يجوز له فعل الخياطة فيه سواء كان محتاجا أو غير محتاج، وسواء في ذلك القليل والكثير.
واختلفوا فيما إذا صلى المكاتب يعتكف بغير إذن مولاه؟
فقال أبو حنيفة ومالك: للمولى منعه.
وقال الشافعي وأحمد: ليس له منعه.
وأجمعوا على أن كل مسجد يقام فيه الجماعات فإنه يصح فيه الاعتكاف.

.كتاب الحج والمناسك:

أجمعوا على أن الحج أحد أركان الإسلام وفرض من فروضه.
والحج في اللغة القصد، وفي الشرع عبارة عن أفعال مخصوصة في مكان مخصوص وهو الطواف والسعي والطواف في مكان مخصوص، وهو أشهر الحج.
وأجمعوا على أنه يجب على كل مسلم بالغ حر عاقل صحيح مستطيع في العمر مرة واحدة.
ثم اختلفوا في صفة الاستطاعة على ما سيأتي بيانه.
وأجمعوا على أن المرأة في ذلك كالرجل في الفرض.
ثم أجمعوا على أن الشرائط في حقها كالرجل.
واختلفوا في شرط آخر وهو وجود المحرم في حقها.
فقال أبو حنيفة وأحمد: يشترط وجود محرم في حقها. وقال مالك والشافعي: لا يشترط وجود محرم في حقها.
قال الشافعي: ويجوز أن تحج في نسوة ثقات.
وقال الشافعي في الإملاء: ويجوز أن تحج مع امرأة واحدة.
وروى الكرابيسي عنه: إذا كان الطريق آمنا جاز في غير نساء.
وقال أبو إسحاق: هو الصحيح عندي.
وقال مالك: وتحج في جماعة النساء.
وأجمعوا على أنه يصح الحج بكل نسك من أنساك ثلاثة: التمتع، والقران، والإفراد، بكل مكلف على الإطلاق.
إلا أن أبا حنيفة استثنى المكي فقال: لا يصح في حقه التمتع والقران ويكره له فعلهما، فإن فعلهما لزمه دم.
واختلفوا في أولاها.
فقال أبو حنيفة: القران أفضل ثم التمتع ثم الإفراد للآفاقي.
وقال مالك والشافعي في أحد قوليه: الأفضل الإفراد، ثم التمتع، ثم القرآن.
وعنهما قول آخر: أن التمتع أفضل، ثم الإفراد، ثم القران.
وروى المروزي عنه أنه قال: إن ساق الهدي فالقران أفضل، وإن لم يسق الهدي فالتمتع أفضل.
فعلى روايتيه الأفضل لمن ساق الهدي القران، ثم التمتع، ثم الإفراد، وصفة التمتع أن يحرم بالعمرة في أشهر الحج، فإذا فرغ منها ولم يكن معه هدي أقام بمكة حلالا حتى يحرم بالحج من مكة يوم التروية من عامة ذلك.
وصفة القران أن يجمع في إحرامه بين الحج والعمرة، أو يهل بالعمرة ثم يدخل عليها الحج قبل الطواف، ثم يقتصر على أفعال الحج وحده عند مالك والشافعي وأحمد.
إلا أبا حنيفة فإنه لا يتداخل أفعال العمرة عن الحج عنده بل تقدم العمرة ثم يتبعها أفعال الحج، وإنما يشتركان عنده في الإحرام خاصة والإفراد أن يحرم بالحج، ثم يفرغ منه، ثم يخرج إلى أدنى الحل فيحرم بالعمرة.
واختلفوا في فسخ العمرة للقارن والمنفرد.
فقال أبو حنيفة ومالك والشافعي: لا يجوز.
وقال أحمد: يجوز بشرطين، أحدهما: أن لا يكون قد وقفا بعرفة. والثاني: أن يكون قد ساقا الهدي معهما معا وصفة ذلك أن يكونا قد أحرما بالقران أو الإفراد فيفسخا نيتهما بالحج، ويقطعا أفعاله ويجعلا أفعاله للعمرة وينويانها فإذا فرغا من أعمال العمرة حلا، ثم أحرما للحج من مكة ليكونا متمتعين.
واختلفوا هل الزاد والراحلة من شرط وجوب الحج؟
فقال الشافعي وأبو حنيفة وأحمد: هي من شروطه، وهي الاستطاعة.
وقال مالك: ليستا من شروط وجوبه، وإذا كان قادرا على الوصول إلى مكة ماشيا أو راكبا فهي الاستطاعة فأما الزاد فيكتسبه بصنعة إن كانت له، أبو بالسواك إن كان ممن له عادة به.
واختلفوا في المعضوب وهو ذو الزمانة الذي لا يستمسك على الراحلة إذا قدر على مال يحج له عن نفسه، هل يلزمه الحج أم لا؟
فقال مالك وأبو حنيفة: لا يلزمه.
وقال الشافعي وأحمد: يلزمه أن يستنيب من يحج عنه.
ثم اختلفوا فيمن بذله الحج هل يلزمه كالمستطيع؟
فقال أبو حنيفة ومالك وأحمد: لا يلزمه وسواء كان المبذول له صحيحا أو زمنا أو موسرا أو معسرا.
وقال الشافعي: إن كان المبذول له زمنا معسرا والباذل واجدا للزاد والراحلة وقد حج عن نفسه وتوثق من الباذل على ما بذل له وهو ممن يجب عليه الحج مثل أن يكون حرا عاقلا بالغا لزم المبذول له فرض الحج وعليه أن يأمر الباذل بأداء الحج عنه، فإن لم يأمر به ومات لقي اللَّهِ تعالى وعليه حجة الإسلام، فإن كان الباذل أجنبيا فلهم فيه وجهان وكذا أن بذل المال لهم فيه وجهان.
واختلفوا فيمن كان البحر بينه وبين طريق مكة وغالبه السلامة.
فقال أحمد وأبو حنيفة ومالك: يجب عليه الحج.
وعن الشافعي قولان، أحدهما: لا يجب عليه.
والآخر: كالجماعة.
واختلفوا في الأعمى إذا وجد قائدا أو زادا وراحلة.
فقال أبو حنيفة: يلزمه في ماله.
وقال الباقون: يلزمه الحج بنفسه.
واختلفوا هل يسقط الحج بالموت؟
فقال أبو حنيفة ومالك: يسقط ولا يلزم الورثة أن يحجوا عنه إلا أن يوصي بذلك.
وقال الشافعي وأحمد: لا يسقط بالموت ويلزمه الحج عنه من صلب ماله سواء أوصى به أم لم يوص.
ثم اختلفوا من أين يحج عن الميت؟
فقال أحمد: من دويرة أهله.
وقال الشافعي: يجزئ من الميقات.
وقال أبو حنيفة ومالك: لا يحج عنه إلا أن يوصي بذلك كما قدمنا، فإن أوصى به فمن أين يحج عنه؟
قال مالك: من حيث أوصى.
وقال أبو حنيفة: من دويرة أهله.
واختلفوا فيمن لم يحج عن نفسه هل يصح أن يحج عن غيره؟
فقال أبو حنيفة ومالك: يصح ويجزئ عن الغير على كراهية منهما لذلك.
وقال الشافعي وأحمد: لا يصح ثم اختلفا، فقال الشافعي: يقع عن نفسه.
وقال أحمد روايتان، إحداهما: كمذهب الشافعي وهي التي اختارها الخرقي.
واختلفوا في حج الصبي.
فقال مالك والشافعي وأحمد: يصح منه ولا يجب عليه.
وقال أبو حنيفة: لا يصح منه.
قال المؤلف: ومعنى قولهم يصح منه أنه يكتب له وكذلك أعمال البر كلها، ولا يكتب عليه فهو يكتب له ولا يكتب عليه، ومعنى قول أبي حنيفة: لا يصح منه على ما ذكر بعض أصحابه أنه لا يصح صحة يتعلق بها وجوب الكفارة عليه إذا فعل محظورات الإحرام، زيادة في الرفق عليه لا أنهه يخرجه من ثواب الحج.
واتفقوا على أن الصبي إذا بلغ لم يقض حجه ذلك عنه ووجب عليه الحج بشروطه.
واختلفوا هل يجب الحج على الفور أم على التراخي؟
فقال أبو حنيفة ومالك في المشهور عنهما: هو على الفور.
وقال الشافعي: هو على التراخي.
وعن أحمد روايتان أظهرهما: أنه على الفور.
واختلفوا في أشهر الحج.
فقال أبو حنيفة وأحمد: شوال، وذو القعدة، وعشر من ذي الحجة.
وقال مالك: شوال، وذو القعدة وذو الحجة بكماله.
وقال الشافعي: شوال، وذو القعدة، وسبعة أيام من ذي الحجة وليلة النحر.
وفائدة الخلاف بينهم في ذلك تعلق الدم بتأخير طواف الإفاضة عن أشهر الحج.
قال المؤلف: وهذا هو الصحيح عندي لقوله عز وجل: {الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ} الآية.
وأشهر نكرة فلا ينصرف إلا إلى أشهر من شهور السنة.
واختلفوا في صحة إحرامه به في غيرها.
فقال أبو حنيفة ومالك وأحمد: يصح ولا ينقلب عمره.
إلا أن مالكا كرهه مع تجويزه له.
وقال الشافعي: لا ينعقد الإحرام بالحج في غير أشهره فإن عنده انقلب عمره.
وقد روي عن أحمد مثله، واختاره ابن حامد.
واختلفوا في وجوب التلبية.
فأوجبها أبو حنيفة ومالك. إلا أن أبا حنيفة قال: هي واجبة في ابتداء الإحرام، فإن لم يلب وقلد الهدي وساقه ونوى الإحرام صار محرما.
وقال مالك: هي واجبة ويجب بتركها دم.
وقال أحمد والشافعي: هي سنة.
والتلبية، أن يقول: «لبيك اللَّهِم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، إن الحمد لك والنعمة لك والملك، لا شريك لك».
فهذه تلبية النبي صلى الله عليه وسلم لا ينبغي أن يحل شيئا منها فإن زاد عليها شيئا جاز عند مالك والشافعي، واستحب عند أبي حنيفة وكره عند أحمد.
واتفقوا على أن إظهار التلبية مسنون في الصحارى.
ثم اختلفوا في الأمصار ومساجد الأمصار.
فقال أبو حنيفة ومالك وأحمد: هو غير مسنون فيها.
وقال الشافعي: هو مسنون فيها.
قال اللغويون: هو من قولك: ألب بالمكان إذا أقام به ولزمه ومعنى لبيك: أنا عبدك مقيم على طاعتك وأمرك غير خارج عن ذلك.
واختلفوا هل الأفضل الإحرام من الميقات أو من دويرة أهله؟
فقال أبو حنيفة: من دويرة أهله.
وقال مالك وأحمد: من الميقات.
وعن الشافعي قولان كالمذهبين أظهرهما: من دويرة أهله.
واتفقوا على أن فروض الحج ثلاثة: الإحرام بالحج، والوقوف بعرفة، وطواف الزيارة وهو طواف الإفاضة، ويسمى طواف الفرض أيضا.
ثم اختلفوا في السعي بين الصفا والمروة.
فقال مالك والشافعي وأحمد في أظهر روايتيه: أنه ركن من أركان الحج وفروضه لا ينوب عنه الدم.
وقال أبو حنيفة: هو واجب يتوب عنه الدم.
وأجمعوا على أنه سبع مرات يحسب الذهاب سعية وبالرجوع سعية يبتدئ بالصفا ويختم بالمروة.
وأجمعوا على أن السعي بين الصفا والمروة يجوز تقديمه على طواف الزيارة بأن يفعل عقيب طواف القدوم ويجزئ فلا يحتاج إذا طاف طواف الزيارة إلى السعي بين الصفا والمروة لا خلاف بينهم فيها.
وأجمعوا على أن طواف القدوم سنة من سنن الحج وكذلك الرمل في السعي والاضطباع واستلام الحجر الأسود.